«فايننشال تايمز»: الكوارث المناخية في 2024 تكشف عن تسارع خطير للتغير المناخي

«فايننشال تايمز»: الكوارث المناخية في 2024 تكشف عن تسارع خطير للتغير المناخي
ارتفاع كبير لدرجات حرارة الأرض في 2024

أكدت وكالة كوبرنيكوس للمراقبة المناخية أن العالم تجاوز، لأول مرة، هدف الاحتباس الحراري المحدد عند 1.5 درجة مئوية في عام 2024، حيث سجلت البيانات ارتفاعًا غير مسبوق في متوسط درجات الحرارة، مما يثير قلقًا بشأن تسارع التغير المناخي أكثر مما كان متوقعًا.

ونقل تقرير نشرته صحيفة "فايننشال تايمز"، أمس السبت، عن الوكالة الأوروبية أن عام 2024 أصبح الأكثر حرارة في السجل، حيث تجاوز متوسط درجات الحرارة السطحية 1.6 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، جاء هذا الارتفاع نتيجة لانبعاثات الغازات الدفيئة التي وصلت إلى مستويات قياسية، مما تسبب في تسارع الاحترار العالمي.

وأشار كارلو بوانتمبو، مدير وكالة كوبرنيكوس، إلى أن العام الماضي شهد ارتفاعًا ملحوظًا في درجات الحرارة، وهو ما أدى إلى سلسلة من الكوارث المناخية مثل الفيضانات والموجات الحارة، والتي لا تُعد مجرد حالات استثنائية، بل مرتبطة مباشرة بارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون والميثان في الغلاف الجوي.

تجاوز هدف اتفاقية باريس

كان عام 2024 هو الأول الذي تجاوز فيه متوسط درجات الحرارة العالمية الحد الذي وضعته اتفاقية باريس عام 2015، والذي يهدف إلى الحد من الاحترار العالمي إلى أقل من 2 درجة مئوية، ويفضل ألا تتجاوز الزيادة 1.5 درجة مئوية.

وقال بوانتمبو: "بصراحة، نفدت مني الكلمات لشرح هذا الاحترار الذي نراه.. نحن نقترب بشكل سريع من نقطة تحول غير مسبوقة"، وأكد أن السنوات الأخيرة شهدت تغيرات مناخية ملحوظة تؤكد أن العالم أصبح في وضع مناخي غير مستقر.

التغير المناخي ليس ظاهرة عابرة

بينت وكالة كوبرنيكوس أن السنوات من 2015 حتى 2024 كانت هي الأكثر حرارة في السجل التاريخي، وهو ما يعكس اتجاهًا مقلقًا، وأشار الخبراء إلى أن هذه السنوات لم تشهد فقط ارتفاعًا في درجات الحرارة، بل أيضًا زيادة في تواتر الكوارث المناخية مثل الأعاصير الشديدة والجفاف الطويل.

وفي حديثه عن الوضع المناخي، قال تيم لنتون، أستاذ تغير المناخ في جامعة إكستر: "ما يثير الانتباه هو مدى دفء عام 2024، ومدى استمرارية هذا الارتفاع على مدار فترات طويلة.. هذه ليست مجرد تقلبات مؤقتة، بل إشارات واضحة على تغير غير مستقر في النظام المناخي".

تأثير ظاهرة النينيو

أكد الخبراء أن التغير المناخي الناجم عن الأنشطة البشرية كان المحرك الرئيسي لهذه الزيادة الكبيرة في درجات الحرارة، بينما ساهمت ظاهرة النينيو الطبيعية التي انتهت في يونيو الماضي في تعزيز هذا الاتجاه.

وحذر الخبراء من أن تأثيرات التغير المناخي لا تقتصر على الارتفاع في درجات الحرارة فقط، بل تشمل أيضًا اضطرابات في دورة الطقس الطبيعية، مثل الجفاف الأطول والأمطار الغزيرة.

وأشارت من المركز الأوروبي للتنبؤات الجوية، سامنثا بورغس، إلى أن مستويات المياه في الغلاف الجوي وصلت إلى معدلات قياسية، بزيادة قدرها 5% فوق المتوسط بين عامي 1991 و2020.

توقعات لعام 2025 وما بعده

على الرغم من انخفاض تأثير ظاهرة النينيو في الوقت الحالي، فمن المتوقع أن يحتل عام 2025 مرتبة عالية ضمن الأعوام الأكثر حرارة في السجل، حيث تشير البيانات إلى أن التأثيرات المناخية ستظل قوية.

وقالت بورغس: "حتى مع انتهاء ظاهرة النينيو، من المتوقع أن يكون العام القادم بين الثلاثة الأكثر حرارة.. نحن نعيش في نظام مناخي مختلف تمامًا عما عايشه آباؤنا وأجدادنا منذ 125 ألف عام".

ولفتت كوبرنيكوس إلى أن درجات الحرارة القياسية شملت جميع القارات، باستثناء القارة القطبية الجنوبية وأستراليا، بالإضافة إلى مناطق شاسعة من المحيطات، وخاصة المحيط الأطلسي والمحيط الهندي والمحيط الهادئ الغربي.

وكان لهذه الزيادة في درجات الحرارة آثار عميقة على البيئة البحرية، حيث أصبحت المحيطات أكثر دفئًا، ما يزيد من شدة الظواهر المناخية مثل الأعاصير والفيضانات.

ضغوط هائلة على النظم البيئية

وأوضح الخبراء أن ارتفاع درجات الحرارة يسبب ضغوطًا هائلة على النظم البيئية، التي أصبحت أكثر عرضة للتغيرات المناخية.

أضافت بورغس: "نحن الآن نعيش في مناخ مختلف تمامًا عما كان عليه قبل بضعة عقود.. أصبح التغير المناخي حقيقة يومية نواجهها، ويجب أن نتخذ خطوات عاجلة للحد من تأثيراته المستقبلية".

واختتمت "فايننشال تايمز" تقريرا مؤكدة أن هذه البيانات تشير إلى ضرورة اتخاذ إجراءات ملموسة لمواجهة التغير المناخي، حيث لم يعد هناك مجال للانتظار، خاصة مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة، مما يهدد استقرار النظام البيئي ويزيد من مخاطر الظواهر المناخية المتطرفة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية